أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / محمدُ ولد مود بن لمرابط أحمد الجكني الشفاقي الشنقيطي(177)

محمدُ ولد مود بن لمرابط أحمد الجكني الشفاقي الشنقيطي(177)

بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ،، أما بعد:.

فهذه ترجمة للعالم الجليل: شيخي أبو الفتاوى كما كناه العلامة عدود رحمه الله.

علم الأعلام وشمس كشفت الظلام فتبدد وأظهر نور دين الله للأنام وسنة النبي الأواه عليه الصلاة والسلام: القاضي علما: محمدُ ولد مود بن لمرابط أحمد بن مود الجكني الشفاقي الشنقيطي.ولادته:ولد شيخنا بولاية تكانت في حدود ١٣٤٩ هجرية، نشأ في كنف والده صاحب المحظرة العريقه المعروف شيخها بشيخ الجكنيين في معرفة مختصر العلامة خليل:وقد درس فيها العلامة محمد الأمين الشنقيطي صاحب تفسير أضواء البيان كما هو مدون في مقدمته.وهذه المحظرة بمنطقة إركيبه والتي تخرج منها جم غفير من العلماء والصلحاء وطلاب العلم.فقد كان والده رحمه الله بحر علم زاخر يؤمه الناس طلبا للعلم، فكان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر، وكان إذا سمع لهوا في مكان أخذ عصاه وذهب لهم فيقول له أقرانه شيخنا كيف استطعت تزجر هذا الرجل العملاق الذي وقفت امام؟ قال حين أهابه أقرأ عليه سورة الفيل فيكون ذبابة أمامي بتوفيق الله، وقد توفاه الله عز وجل، وبعد سنتين من دفنه أتى السيل على قبره فكشف عن ساقيه فوجدوا جسمه لم يتغير وهكذا يقع لأهل الله، ولمن يقرأ القرآن في صدره ويعمل به كما في الحديث الصحيح، فحولوا مكانه إلى مكان أرفع منه رحمه الله تعالى.وكان رحمه الله يحب الخير للناس جميعا و”تقضى على يده للناس حاجات”. في هذا المحيط المتميز نشأ شيخنا العلامة محمدُ بن مود وقد كان قد تصدر على والده وكان أكثر تحصيله منه سماعا لكثرة من يقرأ في محظرته وكان رحمه الله لشدة ذكائه يحفظ ذلك من مجرد السماع فقط حتى تحصل على كثير من علوم المعرفة وبرز ونبغ في أول أوان شبابه فقط حفظا وسماعا من طلاب والده لكثرتهم وقد حفظ القرآن الكريم ودرس العقائد، والققه والقواعد، وقرأ مبادئ علم النحو كالآجرومية وملحة الإعراب ولما حصّل مبادئ العلوم الشرعية واللغوية تنقل من محظرة والده ليدرس على مشائخ فضلاء عدة.شيوخه: درس على تلميذ “اباه”: يحظيه عبد الودود: أحمد الأمين أبي الدين رحمه الله.كما درس على شيخ المشائخ العلامة الحافظ نادرة الزمان: محمد يحيى بن آدو، ولأسرة أهل آدو مكانة علمية وكان منهم قضاة بالمملكة العربية السعودية، وقد قابلت آخرهم موتا الشيخ ول آدو بباب الكومة رحمه الله، صحبة شيخي العلامة يحيى بن سيدي مولود الجكني الرمضاني. وقد زرته مرارا، قبل وفاته بالمدينة بباب الكومة. والعلامةُ الهمام المجلي: شيخنا محمد عبد الله بن الإمام، وأخذ بعض معارفه عن زميله اللغوي اللوذعي الشريف: أحمد محمود ولد ابات النزاري، القلقمي أهل انواملين اركيبه، وصالحين اكليب الملح، ومنهم شيخي علامة محاظر قطر الشيخ عبد الله بن أحمد لبات، حفظه الله وأطال في عمره ونفع بعلمه آمين. قال الشاعر:قل للذين تكلفوا زي التقىوتخيروا للدرس ألف مجلدلا تحسبوا كحل العيون بحيلةإن المها لم تكتحل بالأثمدوهم أصهار شيخي.وقد أطراهم بشعره الجميل.وكذلك أخذ شيخنا رحمه الله عن الشاعر المفلق: سيد ألمين بن بابه الإبراهيمي، والعلامة الفاضل: محمد علي بن العلامة سيدي المختار بن عبد المالك. تصدُره للتدريس والإفتاء:وبعد أن تضلع من العلوم واعترف له العلماء بعلو الكعب واتساع المعارف وجودة الفهم، بدأ في رحلة التدريس والإفتاء فلم يستقر في موضع معين بل كان يرتحل داخل بلاده، حتى عين قاضيا في حدود سنة ١٣٨٩ هجرية ولما ولي القضاء هنأه أحبته فقال:يهنئني الأحبة بالقضاءدواما بالصباح وبالمساء ولو عرف الأحبة ما أعانيخشاة الميل أو درك الخطاءلعزّاني الصديق بكل يومفقال هب القضاء من القضاء.سيرته:كانت سيرته جميلة واخلاقه حميدةفي القضاء وغيرهوقد عمل في عدة ولايات من وطنه ثم رغب في السفر للحج.رحلته إلى الحجازوبعد جولات له في إفريقيا ارتحل إلى الحجاز لطلب فريضة الحج والعمرة، حيث كان ذلك عن طريق استقدامه من طرف الجامعة الإسلامية رحمه الله كأستاذ زائر لها فمكث فيها فترة أحيل فيها إليه تدريس علم التفسير.وبعد مقامه في ذلك برهة من الزمن رحل من السعوية عائدا إلى موريتانيا.وفي أثناء مكثه في بلده سمع حينها بقدوم بزيارة وفد من دولة قطر قسم إدارة الأوقاف والشؤون الإسلامية صحبة رئيسها الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد آل محمود بن قاضي الدولة السابق، والشيخ عبد الجليل المصري رحمه الله تعالى مدير المساجد آنذاك.وذلك بغرض عقود عمل مع بعض العلماء والقضاة في سنة ١٩٨٦م فشارك رحمه الله تعالى في الامتحان الذي شارك فيه مائة عالم من مختلف أنحاء بلاد الجمهورية الإسلامية الموريتانية وفي أثنائه خرج من القاعة في أول الوقت فلاحظ عليه المراقبون سرعة ذلك فقالو له “إياك الخير” فقال لهم: “أوفيت” أي أنهيت الإجابة على أسئلة الإمتحان.ثم بعد ظهور النتائج جاء شيخي الأول على المتسابقين بلا منازع ولا منافس.الرحلة إلى قطر:سافر هو والأربعة الأوائل إلى العاصمة الدوحة.ومن هؤلاء : شيخي؛ محمد محمود بن المختار بن اعمر عمو البوصادي الأنصاري.وشيخي المختار بن عبدو التاكاطي الطالب إبراهيميوشيخي عبد الله بن محمد محمود بن اشحمد الحسني الأعمر اكداشي.وخامسهم الشيخ العافية وهذا الأخير.قد توفي في قطر بعد سنة من قدومه ولم أقابله رحمه الله تعالى.وقد كان تأثير هؤلاء الأعلام في قطر كتأثير الملح في الطعام سبحان الله مع قلتهم فقد تخرج على أيديهم طلابا للعلم وأفاضل من علماء وقضاة وغير ذلك، لأنهم يؤدوا الأمانة ويبلغوا الرسالة، سفراء لدينهم قبل وطنهم،هذا ما فهمته عنهم ومنهم لصحبتي معهم.فجزاهم الله عنا جميعا كل خير ورحم الله السلف منهم وبارك في الخلف آمين .وعلى ذكري شيخي المترجم له فقد عرفت أول شنقيطي في الدنيا من أهل العلم ألا وهو أخ شيخي أبو الفتاوى وشقيقه وتلميذه: شيخي الحافظ المقرئ العلامة الناصح لتلاميذه الصابر على تعليمهم المفتي والإمام والخطيب والمدرس والمأذون الشرعي لمنطقة مدينة الخور : محمد سالم ولد مود شفاه الله وعافاه من كل سوء ومكروه آمين. وعن طريقه بفضل الله وحفظه طلبت العلم وتعرفت على الجميع بحمد الله وعونه ومنه.وقد استقر شيخي أبو الفتاوى في دولة قطر سنوات عديدة إماما ومتعاونا مع المحاكم الشرعية وحظي في قطر بعناية كبيرة من لدن أعيان البلد من أمثال رئيس المحاكم الشرعية الشيخ العلامة القاضي: أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي، ونائبه السابق الشيخ والمحامي عبد العزيز لخليفي، والشيخ الدكتور عبد الحكيم الخليفي وكان يداوم على زيارته أسبوعيا العلامة والقائم بالأعمال بالسفارة الموريتانية والوزير السابق للعدل بموريتانيا الشيخ محفوظ ولد لمرابط الناصري رحمه الله.وقد كان منزله في قطر قبلة لطلاب العلم من مختلف الجنسيات: قطر وموريتانيا ومصرمن أمثال: المقرئ فرج عبد العال وسمير: المصريان ، وكذلك من موريتانيا صهره وتلميذه محمد عمر ولد خطري الجكني، وكثير من الأئمة والخطباء نسيت أكثرهم فاليسامحوني جميعا على ذلك. مؤلفاته:كان رحمه الله كثير البحث والقراءة والنظر في الكتب طيلة يومه والانشغال بالتأليف ومشغوفا ومحبا للتأليف مطبوعا في نفسه ذلك، ولا يقرأ كتابا ولا نصا ولا نازلة إلا علق عليها، ولذلك سماه الشيخ عدود ب: أبي الفتاوي. وقد وقع لي معه موقف عرفني به شيخي قيمة وأهمية العمر والزمن والوقت، فقد كان في قطر معرض للكتاب فاشتريت منه بعض الكتب لي ولشيخي ما يقارب إحدى عشر كتابا 11 تقريبا ثم سافرت لمدة شهرين إلى الحجاز للعمرة ولزيارة شيوخي الآخرين هناك، وعندما عدت وجدت شيخي جالسا بجوار المكتبة منهمكا فيها فقلت في نفسي مسكين الشيخ بقي وحده يطالع وقد استوحش وحده في خلوته، ثم قمت أتصفح تلك الكتب التي أهديتها له فوجدته نظرها وعلق عليها كلها وكأنه يقول لي بلسان حاله إذهب لمن تعبث معه وتهدر فراغ أوقات عمرك معهم ولست أنا فأثر في تأثيرا شديدا فمكثت معه أطلب عليه العلم.وعندما عاد لموريتانيا بسبب أحوال صحية لم يستطع معها الإقامة في قطر زرته مرتين وقام بتعليمي والنصح لي بكل أريحية وحب فما رأيت عيني مثله رحمه الله تعالى:حلف الزمان ليأتيان بمثلهحنثت يمينك يا زمان فكفروقد ألف رحمه الله العديد من الكتب وبت في كثير من النوازل ونظم كثيرا من الفنون في شتى المجالات ولم نعثر إلا على النزر منها أكثرها بقيت في أماكن سكناه وتنقله في مختلف أماكن كان يعمل فيها ويقطنها ثم يرحل عنها.فهو عالم فاخر وبحر زاخر نذكر منها:نظم في غريب القرآنتنبيه النبها على حرمة قراءة الهمزة بالهاقصيدة في حكم الهاءنظم نخبة الفكَر ألفية في تاريخ الدولتين الأموية والعباسيةنظم في السيرة النبوية في حدود ٥٠٠ بيت.نظم طويل في السيرة النبوية.نظم مختصر في السيرة النبوية.شرح نظم الشيخ محمد العاقب بن ما يابي في أحكام الشرف.شرح نظم الآجروميةشرح نظم عبد العزيز بن صالح الأحسائي في الفقه المالكي.واضح البرهان والدليل، أن الذبيح إسماعيل.فصل النزاع في أن مكة أشرف البقاع. إيضاح المشكل من نظم جهد المقل مطلع البدرين في الذب عن جناب ذي النورين.هذا وقد أكرمني المولى بزيارته مرارا، وقرأت عليه تكرارا، فتعلمتُ منه الدارجة الحسانية، وقرأت عليه آيات الأحكام لصديق خان، وأجازني فيه وأقفاف من مختصر خليل، وأبواب من مراقي السعود وأشرفت على طبعة كتابين له، أولهما:واضح البرهان والدليل، بأن الذبيح إسماعيل، وثانيهما فصل النزاع بأن مكة خير البقاع.كما تأثرت بقوته في التأليف والشرح والتعليق فهو مما دعاني إلى عمل الكتابة والتحقيق وطباعة الكتب بعد توفيق الله لي ومنه وفضله سبحانهكما قد حققتُ معه رحمه الله كتابه في الخلع المسمى الرشاش المقطر، ثم طبع بعنوان:( القول الجامع )في باب الخلعوبعد أن استقر رحمه في قطر برهة من الزمن ثم عاد إلى موريتانيا، أرض سكناه وموطنه،تاقت نفسه إلى زيارة الحرمين الشريفين والمجاورة فيهما فنزل مكة المكرمة في حارة الهنداوية مجاورا للبيت المعظم واستأنف أنشطته العلمية فكان يزوه العلماء والشيوخ والطلاب، منهم أبناء الشيخ الأمين صاحب أضواء البيان، الشيخ مختار رحمه الله، رئيس قسم الأصول،والشيخ عبد الله حفظه الله، رئيس قسم التفسير، والدكتور محمد يعقوب رئيس قسم الفرائض في الجامعة الإسلامية، والدكتور محمد ولد سيدي الحبيب الجكني جامعة أم القرى قسم الإعلام محقق كتاب الشيخ الأمين نثر الورود على مراقي السعودوالشيخ ابن عمه عبد العزيز الجكني، بمكة أيضا والذي كان يزوره أكثر أوقاته وينقل عنه الأشعار والآداب ويصحح عليه كتاب (شعراء تجكانت).فكنت أتردد عليه رحمه الله الفينة بعد الفينة من قطر بمكة وكلما زرت الحجاز، وقد أخبرته بأنني حققت كتابي المنهج والتكميل بشرح العلامة السجلماسي، واستنبطت منهما المسائل والكتب.فكان يكلمني في أثناء مرضه بصوت منخفض ويدني مسامعي منه ويهتف إلي بصوت منخفض ويقول: انت عدت ابحر، انت عدت ابحر .فقلت له يا شيخي إن هذه الكلمات الجميلة المشجعه لهي أحب إلي من شهادات الدنيا كلها لما أعرف من مكانته في العلم.ثم ما لبث أن توفاه الله تعالى وسبحان الله القلب مشغول فيه ومتعلق به مع البعد:لئن كانت الأجسام منا تباعدتلأجل قضاء ما لنا عنه من بدفما ضرنا نأي الجسوم وقد دنتقلوب طويناها على خالص الودومن كرم المولى علي فقد من بفضله وتوفيقه تلك الساعة أني كنت في الحرم المكي وقد صليتُ فيه الفريضة ثم الصلاة على الأموات،فقابلني أحد الأصدقاء من أشراف الشناقطة الأدارسة فقال أتدري يا شيخ صليت على من قلت لا قال صليت على شيخك محمدُ وأنت لا تعلم. قلت؛ ولله الحمد فقد وفقه وأعطاه كرامة عظيمه وهي التي كان يتمناها آلا وهي أن يدفن بمقبرة المعلاة بجوار أمنا خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها.فكان هذا هو آخر مثواه فجعل الفردوس الأعلى مأواه ومنتهاه آمين.كتبته على عجل، وبحزن شديد وألم، وخوف و وجل،وأعتذر لكل من نسيته فلم أذكره، ولم أمدحه ولم أطريه نسيانا مني وتقصير..وكانت وفاته رحمه الله تعالى في تاريخ: 1430هـ.بارك الله في ذريته وعقبه أجمعين آمين.وما كان قيس هلكه هلك واحدولكنه بنيان قوم تهدماالرحمة والغفران وجنة الرضوان لشيخنا آمين،رحم الله السلف وبارك في الخلف أجمعين آمين. كتبه تلميذه المقصر المقر له بالفضل طويلب العلم:جمعه بن عبد الله الكعبي _ الدعاء _

صدقة جارية