أخبار عاجلة
الرئيسية / الرئيسية الاخبار / كيف أسهمت دور الأزياء في صناعة صورة الرايخ الثالث “المثيرة”؟

كيف أسهمت دور الأزياء في صناعة صورة الرايخ الثالث “المثيرة”؟

قد يكون سطحيا الثناء على رجل وسيم أو امرأة حسناء بناءً على المظهر أو الزي. ومع ذلك، اعتادت المجتمعات الحديثة على تقدير الجمال، وبلغ الأمر حد امتداح نازيين مشاهير مثل الزعيم الألماني أدولف هتلر أو مواطنه الجنرال إرفين رومل.

“النازية”.. رمزا للموضة والأناقة!

يشير مصطلح (Nazi Chic) إلى المظهر الصارم والمخصص لأولئك الضباط المجندين والموظفات المجندات في الرايخ الثالث خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك الجنرال الألماني إيرفين رومل، وقائد القوات المسلحة هيرمان غورينغ.

ففيما كان أدولف هتلر نفسه يرتدي زيا رسميا غير مزخرف وبسيط، كانت غالبية القيادة النازية ترتدي الجلود السوداء والأزرار النحاسية والكتّافات المذهبة المرصّعة بالرُّتب، وهي أنماط للأزياء اتسمت بطابع وشخصية غامضة وأنيقة باتت لاحقا جزءا ملحوظا في صناعة الملابس على مدى عقود متعاقبة.

ووفقاً لموقع “فايس” (Vice)، فقد شقت أيقونات الأسلوب النازي طريقها عبر التاريخ الطويل والمتسارع لصناعة الأزياء، سواء كان مرتدوها يروّجون لفكرهم أم لا.

وزير الإعلام وهدف صناعة شخصية “الألماني السامي”

حرص وزير الإعلام والعلاقات العامة الألماني جوزيف غوبلز على أن يكون مظهر الضباط النازيين منمقا وأنيقا، تحقيقا لرؤية أن العرق الآري له أفضلية سامية على من سواه.

وهذا لم يتوقف فقط على تأسيس وحدات عسكرية متقدمة ومدربة على أعلى مستوى، أو تشييد معسكرات تتخذ مناهج شتى في التعذيب والقتل، بل اعتنى النظام النازي رسميا بالزي العام والمظهر العسكري لكل منتسبيه، ومن بين هذه العلامات المتبعة بعناية رسمة جمجمة “رأس الموت” الشريرة المطبوعة على قبعاتهم لإحداث الرعب في نفوس أعدائهم.

وقد أصدر غوبلز تعليماته إلى صانع الملابس المقيم في ميونخ هوغو بوس وموظفيه، لابتكار وتصميم زي ضباط قوات الأمن الخاصة النازية (SS) المقربة من هتلر.

علامة BOSS في الحقبة النازية

علامة الأزياء العالمية “بوس” (BOSS)، التي سمّيت على اسم المصمم الألماني هوغو فرديناند بوس، كانت المورد الرسمي للزي الرسمي لحراس هتلر الشخصيين الأوائل، وقواته شبه العسكرية المتعاقبة.

امتلكت العلامة خلال الثلاثينيات من القرن العشرين 6 آلات خياطة فقط، ومن خلالها انضمت إلى الحزب النازي في عام 1931 وشهدت منذ ذلك الوقت زيادة كبيرة في المبيعات.

اتُّهم بوس آنذاك باستخدام حوالي 180 عاملاً بشكل قسري من أسرى الحرب لتصميم زي هتلر وأتباعه من أرقى رجال الدولة وضباطه الشخصيين حتى عام 1946.

وعلى الرغم من مقاضاة الدار لاحقا على دعمها نظامًا ألمانيًّا تسبب باندلاع أسوأ حرب شهدها العصر الحديث، فإن هوغو نال البراءة، وقدم اعتذارًا رسميًّا من الدار عن دورها السابق في “صنع موضة النازية ودعم هتلر من خلال الأزياء”.

ومع ذلك، لا تزال لمسة (BOSS) المميزة في تصاميم ملابس النظام النازي علامة فارقة في تاريخ الموضة والملابس حتى الآن.

علامة “شانيل” ولمستها الأنيقة على الزي النازي

عندما بدأت قوات هتلر غزو أوروبا، كانت غابرييل بونور شانيل بالفعل مصممة أزياء راسخة ومحترمة ومعروفة بشكل تجاوز العاصمة الفرنسية باريس.

لكن كل ما سبق لم يضاهه دفعة الشهرة الإضافية التي حظيت بها بعد الاحتلال النازي لفرنسا، فبدلاً من المقاومة أو الاختباء والوقوع في الأسر أو حتى القتل، قررت شانيل بشكل عملي دعم الحكم النازي.

وبحسب موقع “نيويوركر” (New Yorker) الأميركي، فقد تناول المؤرخون مرارًا كيف وقعت في حب ألماني يُدعى هانز غونتر فون دينكلاغ، وأصبحت لاحقًا جاسوسة لألمانيا تساعد في تجنيد فرنسيين لمصلحة الرايخ الثالث، بحسب المؤرخ.

وبعد انتهاء الحرب، سرعان ما أصبحت علامة “شانيل” أفضل مصمم أزياء فرنسي في الرايخ الثالث، وعبر أوروبا بأكملها.

وللغرابة، فقد نالت علامة “شانيل” التجارية مقدارًا كبيرًا من الدعاية -وجوًّا من الغموض والإثارة- بسبب ارتباطها بألمانيا النازية، ما جعلها علامة على “التميُّز” ولا تُلبس إلا بين صفوة أفراد المجتمع.

صناعة الموضة ضمن اهتمامات الرايخ

ومن أحد الجوانب الأكثر إثارة للدهشة في فترة وصول هتلر إلى السلطة، كان تأسيس معهد أزياء ألماني تزامنًا مع الفترة الأولى له في سدة الحكم، أواخر عام 1933.

فقد كان المعهد المعروف باسم (Deutsches Modeamt)، انعكاسًا للمحاولات النازية للسيطرة على كل جانب من جوانب حياة المجتمع الألماني، بما في ذلك ما يرتديه الرجال والنساء من العامة كذلك.

وكان هتلر مصمم أزياء في مناسبات عدة، وكان أسلوبه في الزخرفة الأنثوية ملحوظًا، فقد اهتم بأن تبدو المرأة الألمانية في صورة تفوق ما تبدو عليه نساء أوروبا، سواء في الملبس أو طريقة اعتنائها بنفسها.

وأعلن في مناسبات مختلفة أن “نساء برلين يجب أن يرتدين أفضل ملابس في أوروبا”، وادعى أن “أفضل ما أحبه هو تناول العشاء مع امرأة جميلة”، تحفيزًا للسيدات أن يبدين في أفضل حلة لهن، حتى ولو كان هذا في فترة الحرب.

وهكذا، اهتم النظام الألماني بالعلامة النازية في الموضة وصناعة الأزياء. وكانت النساء يرتدين فقط الملابس المصنوعة من المصممين الألمان، ومن مواد ألمانية، ما أسهم في حدوث ثورة نسبية في عالم التصميم والأزياء المحلية لتنافس نفوذ الموضة الفرنسية.

وعلى الرغم من خسارة الحرب، ظل الانبهار بالـ(Nazi Chic) الألماني جليا في صناعة الموضة. ومهما فشل الخبراء في تفسير ذلك، يبقى التفسير الأقرب هو أن تلك الذائقة من الملابس تجعل الشخص يبدو “أنيقًا بشكلٍ خطر”.

صدقة جارية