أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / العلامة القاضي الشيباني ولد البان التنواجيوي الشنقيطي(215)

العلامة القاضي الشيباني ولد البان التنواجيوي الشنقيطي(215)

العلامة القاضي الشيباني ولد البان

هو العلامة الأصولي المحدث القاضي الشيباني ولد البان ولد الشيخ أحمد التنواجيوي.

ولد عام 1914م في الحوض الغربي عند موضع يسمى (إجملانة) بالقرب من الحدود المالية وقد كانت المنطقة حينها تتبع إداريا للدائرة الاستعمارية إنيور(Nyiro du Sahel) جنوب مقاطعة الطينطان حاليا.

ينحدر الشيباني ولد البان، من أسرة أهل الشيخ أحمد المعروفة بقادتها وبجذورها العلمية والروحية الضاربة في العمق.

بدأ الدراسة على جده العلامة المعروف الشيباني ولد البان حفيد الولي المعروف وقطب زمانه الشيخ أحمد ولد سيدي ولد جدو الملقب (الشيخ أية) الذي تعهده رغم وجود والده المباشر البان كما هو معهود في العادات، كما درس على علماء قبيلته علوم القرآن وألفية ابن مالك وبقية العلوم الإسلامية والعربية.

استدعاه الحكام الفرنسيون لتولي خلافة والده المباشر البان الذي غربه الفرنسيون إلى دائرة تامشكط تحت الإقامة الجبرية بعد عصيانه أوامر المستعمرين ورفضه الزج ببعض رعيته في رحلة (كويّه) وهم (خدام قافلة الصمغ) إلى دولة السنغال. فقرروا طرده من المنطقة ليكون عبرة لغيره وكان ذلك سنة 1934.

فتم تنصيب الشيباني، وهو ولده الكبير، لخلافته وهو ابن عشرين ربيعا.

واصل الشيباني قيادة مجتمع تنواجيو وخاصة أولاد بومحمد تسع سنين تخللتها بعض الأحداث الشهيرة منها (ديگة إم إشگاگ) 1940، التي سببتها تناقضات مذهبية، بين قومه والحمويين.

وتميز في تلك الحادثة الزعيم الشاب لما يملكه من حكمة ومؤهلات علمية وقيادية جعلت الفرنسيين يحسبون له ألف حساب خلال محاكمة الليوان نسبة لـ (Yelmané) المدينة المالية التي طبقت فيها الأحكام المتعلقة بواقعة (إم اشگاگ).

وخلال إدارته لشأن القبيلة رفض الشيباني الانصياع لأجندة المستعمر، فكاد أحد المجاهدين المقاومين لهيمنة المستعمرين، فعرف بالتمرد على أوامر الفرنسيين وخاصة منها ما يتعلق بانتهاك حقوق الرعية فرفض الاستكانة والخنوع مما جعله يصطدم بالكابتين مونيى (Monyé) حاكم دائرة إنيور (التي تتبع لها المنطقة) عندما أغلظ عليه القول فصفع الحاكم وأمر بجلده وكل أعوانه عند (بئر إنخيل) و حينها قال عبارته الشهيرة (حشاني آنَ الشيباني ولد البان)
أي لا للذل لمثلي ممن يحمل هذا الاسم الكبير.

بعد صفعه الحاكم الفرنسي وجلده له ولأعوانه وصلت التعزيزات الفرنسية فقرر الفرنسيون حمله إلى دائرة إنيور (Nyouro du Sahel)، وتولية أخيه الأصغر الشيخ أحمد خلفا له.

وبعد تقديمه للمحاكمة في إنيور والاستئناف في باماكو تقرر تغريبه (تزويگه) إلى مدينة تمبكتو تحت الإقامة الجبرية عشر سنين تنقل فيها بين المجمعات العلمية في إنافنكة (Nyavenka) ثم الحدود الجزائرية ومشارف النيجر.
و لم يسمع بعالم في مجال تنقله المسموح به إلا توجه إليه وأقام عنده وأخذ منه.
ثم طلب تحويله إلى مدينة ولاته فارتوى من معين علمائها، وبعد ذلك انتقل إلى النعمة التي كانت آخر محطاته رحلته العلمية الزاخرة ليعود بعدها إلى وطنه الأصلي بقافلة محملة بنفائس المتون وجواهر الكتب حتى كانت رحلته مضربا للمثل (ژوگة الشيباني التي جاء منها عزيزا وعالما جليلا).

بعد عودته تفرغ لنشر الدعوة والتعليم والقضاء، ودخل رحمه الله العديد من المناظرات وأصدر العديد من الفتاوى حول العديد من الإشكالات الفقهية والوقائع.
وألف في العديد من المجالات وخاض سجالات حول القصر في الصلاة ورؤية الإله واشكالية العبودية ووجوب الجمعة على كل حضر..

وبعد الاستقلال عين مفتيا وقاضيا مصلحا لعموم منطقة الحدود الجنوبية الشرقية مقيما في عين فربة وهي الوظيفة التي ظل يشغلها إلى جانب إمامة المسجد الجامع للمدينة إلى أن التحق بالرفيق الأعلى في الثاني عشر من فبراير 1998 تغمده الله بنعيمه ورضوانه.

كان رغم قوته في الحق، خاشع القلب، رقيق العين، وكثيرا ما كان يبكي من خشية الله، ويعرف ذلك من حضر خطبه يوم الجمعة في عين فربه.
كما عرف رحمه الله بالورع والتقوى والزهد والصلاح وكثرة الإنفاق
وعمّا تبقى من حميد خصاله :: أرى الصمتَ أولى بي من أن أتكلما

يقول الفنان أحمد ولد بوب جدّو في مدحه:
تم اعل عزم ما نزاح :: ولْ عزمُ مانِ حاگر
واشبِه بوه إل فات فاح :: البان ابلد لمصادر

يقول الأديب الشهير بح ولد محمد المختار في رثائه:
ينفربه يتمت ما تشكات :: موت الشيباني ولد البان
بكات المسجد واتبكات :: إمات الأسر والصبيان
وبكاو أهل الدين مساكين
بيهم صدم خلگت فالدين
وبكاو المرض متميين :: والمجنون المشكرف كان
وبكاو الخصم بك إمتين :: إل فالدشر والفرگان
والجنايز وقت ترودين :: اسحاب الظلمة والحمان
لحريجات ابكاو اثنتين :: والواد وصمب والحسيان
والمسيل ساحل ول بين :: المسيل واحزاز إبنقان
وبكاو الگلاب لخرين :: من گلب الخير لبنعمان
للصحب للگليب گليبين :: ال لگيارن لين الطنطان
هذا كامل گد إل فيه :: يتباك متموجع يتحان
ماه متمونك ول بيه :: موت الشيباني ولد البان
يعطيه النعيم المقيم
فالجنة ونواع التكريم
وفقبر ما يجبر لحزيم :: يساع ورايحة تزيان
واعود المجلس بالدوام :: العمل الصالح والقرآن
بجاه القرآن الكريم :: وتبارك والرحمان
ل لال التفويض التسليم :: من منام احبيب الرحمان
مايبگ حد فذ لقليم :: دون الشيباني ول البان
واتبارك يالحي اللطيف
فالأسرة يعطيه تأليف
فالقلوب ومنزل نظيف :: فيه المقام ولطمئنان
والدرجه ونواع التوظيف :: وتخاو لگبيل فمكان
من لحداد لممقيريف:: تنواجيو تعود افأمان
من تنحماد إلين اعطيف :: لعوينات إلين لكمبان
ول ڨايل عاگب ما فات :: والناس اشهود اعليه اتبان
ينفرب يتمت ماتشكات….

اتشحت بعده المنابر بالسواد، وافتقدت فهمه مجالس القضاء، ونضب معين الفتوى، وشابت ذوائب الصلاح والبركات، وتحسرت على فقده السنة الوسطية والاعتدال، وتيتمت خزائن الكتب، وصوحت دوحة الأدب، وبكى اليتامى والأرامل والمرضى..

رحم الله القاضي الشيباني ورفع درجته في المهديين وأخلفه في عقبه في الغابرين وغفر لنا وله.

كامل الود

صدقة جارية