أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / تنظيم خراسان يسعى لإعادة تشكيل “الجهادية العالمية”

تنظيم خراسان يسعى لإعادة تشكيل “الجهادية العالمية”

يطمح تنظيم داعش خراسان ليكون الجهة الجهادية الفاعلة خلفًا لتنظيم القاعدة. وما زال يخطط وينفذ هجمات عالية المستوى في أفغانستان وباكستان، فضلًا عن محاولات تصدير أيديولوجيته إلى الغرب.

القاهرة – كشفت جنسية ضالعين رئيسيين في تنفيذ بعض العمليات الخارجية لتنظيم داعش خراسان عن مساهمة الحرب الروسية – الأوكرانية في فتح الباب واسعًا أمام إعادة تشكيل ما يُعرف بـ”الجهادية العالمية”. فقد شاركت عناصر طاجيكية وآخرون من دول وسط آسيا في هجمات خطط لها داعش، فرع خراسان، في دول مثل: تركيا وإيران وألمانيا.

ونفذ التنظيم في العامين الماضيين هجمات في كل من إيران وجزر المالديف، واستهدف مصالح لروسيا والصين ودولا في آسيا الوسطى، وجرى إحباط عمليات خطط لتنفيذها في ألمانيا وتركيا وقطر والهند.

وأدى الطاجيك من عناصر داعش خراسان دورًا في جهود الاستقطاب ومخططات التمويل، واعتقل عدد منهم في دول مختلفة بتهمة تجنيد الأعضاء وجمع الأموال في الهند وبريطانيا والولايات المتحدة وباكستان.

وتتنوع أهداف الجهادية العالمية الجديدة التي يتصدرها داعش خراسان بالنظر إلى الحملات الدعائية الموجهة التي يشنها ضد دول بعينها مستخدمًا جهازًا إعلاميًا يُدار من قبل مؤسسته الإعلامية الرئيسية (العظيم) وتبث بالعربية والإنجليزية والفارسية والطاجيكية والأوردية والبشتو والأوزبكية.

تنظيم داعش خراسان كثف مؤخرا ضخ مقاتليه الأجانب لإحياء مسارح العمليات في شمال القوقاز ودول آسيا الوسطى

وركزت دعاية الجهادية العالمية الجديدة على جملة من الأهداف الأجنبية إلى جانب طالبان الأفغانية، حيث كانت دول مثل طاجيكستان وأوزبكستان والهند وباكستان في المقدمة، وشمل الاستهداف الدعائي دولًا في الشرق الأوسط مثل الإمارات والسعودية وإسرائيل وتركيا، ولم تغفل الحملات الدعائية دولا مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا ودولا أوروبية.

واستفاد داعش خراسان الذي تضافرت تقارير دولية بشأن سعيه لتأسيس خلافة إسلامية عالمية، انطلاقًا من استعادة منطقة خراسان التاريخية التي تضم أفغانستان وآسيا الوسطى من تدوير المقاتلين المنضمين للحرب في أوكرانيا الذين مثلوا إضافة نوعية لباقي أعضاء الشبكة، وغالبيتهم من المنتمين السابقين لتنظيم القاعدة وجناح حقاني ومنشقين عن طالبان.

ومنذ اشتعال الصراع في أوكرانيا كثف داعش خراسان من ضخ مقاتليه الذين التحقوا بالحرب انطلاقًا من مركز نشاطهم الأصلي في سوريا باتجاه دولهم الأصلية لإحياء مسارح العمليات في شمال القوقاز ودول آسيا الوسطى مثل أوزباكستان وطاجيكستان.

ويتسق ذلك مع ما صرّح به قائد القيادة المركزية الأميركية في الشرق الأوسط (سينتكوم) خلال اجتماع لجنة الوضع الأمني في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الدفاع الأميركية الجنرال مايكل كوريلا مؤخرًا، بأن داعش لم يعد قويًا فقط في أفغانستان، بل أيضًا في خارجها وأنه بات يمتلك القدرة على تنفيذ هجمات في أوروبا وآسيا، وأن مقاتليه يتمركزون على الحدود مع طاجيكستان.

وتمثل خراسان التاريخية (أفغانستان وباكستان) وفقًا لقناعات ومخططات داعش حلقة الوصل بين خلافة أكبر وأوسع بين دول وسط آسيا، وفي مقدمتها طاجيكستان، والدول التي يتمدد خلالها التنظيم بدأب وبتنفيذ برامج مدروسة بجنوب شرق آسيا في الفلبين وأندونيسيا وهي الدولة الإسلامية الأكبر من حيث عدد السكان.

وقرأ داعش خراسان في الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا رسائلَ لاستدعائه وطلب خدماته على خلفية محاولات الولايات المتحدة (أفغنة أوكرانيا) كما فعلت بأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي، وسارع في تجنيد مقاتلين تابعين له من دول آسيا الوسطى ومن أصول شيشانية وروسية للقتال في أوكرانيا.

 تدفق الأسلحة بات ملحوظًا بشكل كبير
 تدفق الأسلحة بات ملحوظًا بشكل كبير

وشكّلت الحرب في أوكرانيا نقطة انطلاق لتكرار تجربة مماثلة لما حدث في أفغانستان، بانضمام مقاتلين أجانب من جميع أنحاء العالم للقتال إلى جانب أوكرانيا ضد الروس خاصة مع تحول الحرب بالنسبة إلى المعسكر الغربي إلى حرب استنزاف يسعى فيها إلى تكبيد روسيا أكبر قدر ممكن من الخسائر، أو بتكرار ظاهرة “العائدون” بعد انقضاء الحرب.

وينتمي البعض من الجهاديين الذين يقاتلون روسيا في أوكرانيا إلى أصول شيشانية لمحو ما يعتبرونه وصمة عار بسبب مشاركة رجال الرئيس الشيشاني رمضان قديروف المؤيدين لروسيا، والذين يصفهم عناصر داعش بأنهم “خونة وعار على الأمة الشيشانية”، ولا يمكن لأيّ شيشاني حقيقي أن يقاتل في صفوف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وحث مقال مطول عنوانه “رسالة من القلب إلى إخواننا المسلمين في أوكرانيا” نشر في مجلة “صوت خراسان” الموالية لداعش في مارس الماضي المسلمين الذين يقاتلون في أوكرانيا على الانضمام إلى “ولاية القوقاز” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية بدلًا من القتال إلى جانب الروس، واصفًا المقاتلين الشيشانيين الذين يقاتلون إلى جانب روسيا بالضالين.

وتبيّن أن الجهاديين الذين يشاركون في الحرب الأوكرانية لا يمكثون طويلًا في أوكرانيا ويتنقلون إلى مناطق أخرى ويحل غيرهم محلهم، حيث لا يتنقلون إلى الداخل الروسي ودول وسط آسيا الإسلامية فقط، وإنما إلى العديد من دول العالم وفقًا لمخططات التنظيم الذي أصبح مركزه ولاية خراسان في أفغانستان وباكستان.

وتقمص داعش خراسان شخصية تنظيم القاعدة والجهاديين العرب في الحرب الأفغانية مخططًا للعب دور في الحرب الحالية بهدف مضاعفة نفوذه وسطوته وثرواته وأعداد منتسبيه، مستفيدًا من تلاقي أهدافه مع مصالح الولايات المتحدة والمعسكر الغربي.

وتضاعفت قدرات داعش خراسان البشرية والتسليحية منذ انطلاق الحرب في أوكرانيا التي التحق بها المقاتلون التكفيريون الطامحون للحصول على الدعم المادي والخبرات القتالية، في استعادة لمشهد حرب أفغانستان نهاية السبعينات من القرن الماضي، عندما وظفت الولايات المتحدة الإمكانيات المالية والعسكرية والبشرية كلها لتجنيد الجهاديين بهدف إخراج الاتحاد السوفييتي من الأراضي الأفغانية.

منذ اشتعال الصراع في أوكرانيا كثف داعش خراسان من ضخ مقاتليه الذين التحقوا بالحرب انطلاقًا من مركز نشاطهم الأصلي في سوريا
منذ اشتعال الصراع في أوكرانيا كثف داعش خراسان من ضخ مقاتليه الذين التحقوا بالحرب انطلاقًا من مركز نشاطهم الأصلي في سوريا

وأغرى داعش خراسان توفر السلاح وسهولة الحصول عليه من خلال السطو على بعض الأسلحة التي يجري تسليمها للمدنيين في أوكرانيا، ما جعل التحذيرات تتنامى من أن الأسلحة المتطورة التي يزود بها الغرب أوكرانيا تشق طريقها إلى السوق السوداء ثم إلى أيدي الجماعات المتطرفة والإجرامية في الشرق الأوسط ووسط آسيا وأفريقيا.

وبات تدفق الأسلحة من أوروبا باتجاه الدول الأفريقية بسبب الحرب في أوكرانيا ملحوظًا بشكل كبير، ولم يعد يقتصر على الجماعات المتطرفة بل وصل إلى مدنيين وجماعات الجريمة المنظمة.

وحصل مقاتلو داعش خراسان على خبرات جديدة في ما يتعلق بالتدرب على استخدام الأسلحة الحديثة، ويتابع البعض منهم كل ما يتعلق بكيفية استخدام الأسلحة في الحرب الأوكرانية.

وتُضاف هذه الخبرات المكتسبة من الحرب الأوكرانية إلى الخبرات التي يمتلكها قادة داعش خراسان المؤسسون، وغالبيتهم ممن شاركوا في الحرب ضد الجيش السوفييتي في الثمانينات من القرن الماضي واكتسبوا مهارات قتالية خلال انخراطهم في حروب العصابات في التسعينات.

ووضعت هذه الخبرات خلال أكثر من جيل فرع داعش خراسان في أعوام قليلة ضمن أكثر فروع التنظيم قوة وامتلاكًا للخبرات التنظيمية والعسكرية.

وينتمي قائد داعش خراسان شهاب المهاجر (سناءالله غفاري) في الأساس إلى شبكة حقاني، وساعده ماضيه داخل الشبكة وتاريخ عائلته الإرهابي ومؤهله العلمي حيث حصل على إجازة في الهندسة من جامعة كابول، على امتلاك قدرات في إدارة التشكيلات العسكرية السرية وحرب المدن.

وجنّد التنظيم إلى جانب مقاتليه المنشقين عن طالبان الأفغانية والباكستانية وشبكة حقاني ومجنديه من السكان في إقليم ننجرهار وكونار مقاتلين محترفين من طاجيكستان وبنغلاديش وماينمار والهند وكشمير والهند.

Thumbnail

وباتت طموحات داعش خراسان أكثر اتساعًا وشمولًا بعد ما اكتسبه من نفوذ وقوة عقب مشاركة عناصره في الحرب الأوكرانية، وربما كان هدفه محدودًا في البدايات متمثلًا في الانتقام من روسيا التي تسببت في قتل عدد كبير من مقاتليه في سوريا.

وتوسع التنظيم مع سير الأحداث ومراكمته للخبرات والثروة وحيازة السلاح في استهداف قوى دولية أخرى، وترجم دعايته المناهضة للصين وروسيا وباكستان عبر استهداف مصالحها وسفاراتها بالداخل الأفغاني بين أواخر عام 2022 وأوائل عام 2023.

وأثبتت وثائق سرية مسربة من البنتاغون والتي نشرتها صحيفة “واشنطن بوست” أن خطط داعش خراسان وعملياته لا تقتصر دوليًا على روسيا والصين، وإنما تشمل الولايات المتحدة ودولا في أوروبا.

وكشفت الوثائق أن التنظيم لديه قائمة أهداف في الداخل الأميركي والأوروبي تتمثل في عدد من السفارات والمراكز التجارية، علاوة على دور العبادة والمزارات المسيحية واليهودية، إلى جانب التخطيط لخطف دبلوماسيين أوروبيين لمبادلتهم بمعتقلين للتنظيم في السجون وأماكن الاحتجاز بسوريا.

ولم يعد أمام الولايات المتحدة التي تمتلك أصولًا استخباراتية في أفغانستان تتمحور حول تكثيف ضربات الطائرات دون طيار ضد عناصر داعش خراسان بهدف الحد من قدرته على شن هجمات ناجحة في الخارج.

ويمكن أن تساعد الجهود الأميركية، وما تبذله الصين التي دشنت تحالفًا مع طالبان لمحاربة الجماعات المسلحة في آسيا الوسطى، في تقليص قدرة داعش خراسان على شن هجمات خارجية.

لكن سوف يظل الخطر ماثلا على أرض الواقع، بالنظر إلى تصاعد الشحن والغضب والاستغلال الدعائي من قِبل داعش في الأوساط الإسلامية حول العالم على خلفية الحرب الجارية في غزة.

صدقة جارية