أخبار عاجلة
الرئيسية / آخر الأخبار / العدوان على غزة.. هل أيقظ الشعوب الاسلامية و العربية؟

العدوان على غزة.. هل أيقظ الشعوب الاسلامية و العربية؟

منذ بداية العدوان على غزة شهدت بعض العواصم العربية مظاهرات تضامنية واسعة مع الفلسطينين، وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بمواقف الإدانة للعدوان والتأييد للمقاومة والتضامن مع الشعب الفلسطيني. السؤال هنا: هل تعبر هذه الهبة الشعبية عن يقظة حقيقية عند الشعوب العربية وتعكس تحولها من شعوب مسلوبة الإرادة والقرار إلى شعوب حية تأخذ أمرها بيدها وتستطيع الدفاع عن قضاياها، أم أنها مجرد هبة عاطفية ستنتهي بمجرد انتهاء العدوان؟

ليس الهدف من هذا السؤال التقليل من شأن التعاطف الشعبي العربي الواسع مع الفلسطينين في غزة بل استثمار هذه اللحظة التاريخية المليئة بالدم والألم والشعور بالعجز عن إيقاف المجزرة بحق أطفال فلسطين في طرح أسئلة جادة تبحث عن السبب الجذري الذي أدى بأمة تملك كل هذه الإمكانيات البشرية والمادية الهائلة إلى ما هي عليه من ضعف وهوان.

لقد أدرك الكيان الإسرائيلي منذ مدة طويلة أن أحد شروط بقائه هو تقييد إمكانيات الأمة العربية  بأنظمة مستبدة تستمد شرعيتها من رضا  الدول الغربية عنها لا من رضا شعوبها لأن هذه الأنظمة ستكون حريصة على استرضاء هذه الدول بالتطبيع مع اسرائيل أو على الأقل بعدم معاداتها. يذكر المستشرق (جاي باخور) الباحث البارز في مركز “هرتسليا متعدد الاتجاهات” في صحيفة “يديعوت أحرنوت”بتاريخ 18/01/2004: “إن حقيقة حرص الأنظمة العربية الشمولية على موائمة سياستها مع السياسة الأميركية طمعا في البقاء، جعلها ترى في مغازلة إسرائيل والتودد لها بمثابة (جواز السفر) إلى قلوب صناع القرار في واشنطن. وإن مبادرة أنظمة الحكم العربية للتطبيع مع إسرائيل تأتي فقط لعدم استناد هذه الأنظمة إلى شرعية الانتخابات، حيث أن كل ما يهم هذه الأنظمة هو بقاؤها، وليس مصالح شعوبها”.

إن إسرائيل ترى في سقوط الديكتاتوريات في العالم العربي خطرا وجوديا لأنها تعلم أن الشعب العربي لن ينجح في استعادة حقوق الفلسطينيين حتى ينجح في استعادة حريته وكرامته، وهي تعلم أن الطريق إلى القدس لا يمر من عواصم عربية أسيرة يحكمها مستبدون قيدوا شعوبهم وحيدوهم عن المعركة مع العدو الصهيوني، بل يمر من عواصم عربية حرة تحكمها أنظمة تعبر عن إرادة شعوبها. إسرائيل تعلم أن  أنظمة عربية أفرزتها انتخابات حرة نزيهة ستعرف كيف تطلق طاقات شعوبها وتوحد قوى هذه الشعوب في مواجهة الكيان الصهيوني وستعرف كيف تدير معركتها معه حضاريا وسياسيا وإعلاميا واقتصاديا وعسكريا.

إن الشعب الذي يعجز عن الدفاع عن نفسه لن يستطيع الدفاع عن غيره، الشعوب التي تعجز عن الدفاع عن نفسها في وجه حكامها الذين صادروا قرارها وفرضوا الوصاية عليها وعطلوا الحياة السياسية فيها وداسوا على حريتها وكرامتها وحقوقها الإنسانية الأساسية، هذه الشعوب لن تستطيع أن تقدم شيئا للشعب الفلسطيني البطل المجاهد.

إن إسرائيل تستفرد اليوم بالفلسطينيين بعد أن كبل الشعب العربي وأهدرت طاقاته وجعل نهبا للاستبداد والفساد فالإنسان العربي المسحوق من داخله السلبي المستسلم الذي لا تزال قضية الحرية والكرامة عنده قضية ثانوية لن يستطيع أن ينصر قضية الحرية والكرامة في فلسطين. ومالم يُحدث العدوان على غزة صدمة عند الإنسان العربي على مستوى الوعي وليس على مستوى العاطفة فقط، صدمة تجعل قضية الحرية والكرامة عنده القضية الوجودية الأولى التي تشغل اهتمامه ونضاله اليومي والتي يبنى عليها عمل ثقافي وسياسي متراكم يؤدي في النهاية إلى تحرير المجتمعات العربية من قبضة الاستبداد، ما لم تؤدي الأحداث في غزة إلى هذا الوعي المقرون بالعمل فإن حركة الشارع العربي المتضامن مع فلسطين اليوم لن تكون أكثر من حركة عاطفية مؤقتة لن تلبث أن تنطفئ.

إعلان

صدقة جارية